دور أخصائي المعلومات في اليقظة

بقلم الأستاذ عادل غزال الجزائري

مقدمة:

من أهم التطورات التي يعرفها مجتمعنا اليوم تيار العولمة, التكنولوجيات الجديدة, سرعة التغير وزيادة حدة المنافسة, إن حياة أو موت أي مؤسسة متعلق بقدرة متخذي القرار على التفاعل مع هذه التطورات للوصول بسرعة إلى نتائج جيدة. وبما أن المكتبات ومراكز المعلومات تعتبر من بين أهم المؤسسات التي تخدم المجتمع, فإنها حتما ستخضع لهذه التطورات و التغيرات وحتى تحافظ على مكانتها ونشاطها عليها بوضع احتياطات لحماية نفسها, وضمان استمرار تطورها وإثبات وجودها.

 وتعتبر اليقظة من بين أهم ما تحتاج إليه المؤسسات المعلوماتية خاصة فيما يتعلق بصناعة القرارات الإدارية لأنه أساس قيام المؤسسة وأدائها لمختلف نشاطاتها, والتي تعمل على تزويد المكتبة أو أخصائي المعلومات بالمعلوم المناسبة وفي الوقت المناسب من أجل الرقي بأدائها وزيادة إنتاجيتها. لذلك فإن اليقظة أحدى أفضل الآليات التي يمكن لأخصائي المعلومات الاعتماد عليها  لتدعيم قواعد المعلومات والمعرفة في أعلى مستواها, كما تعد ضرورة يجب اعتمادها في عصرنا الحالي لضمان تزويد مستمر وآني بالمعلومات الاستباقية عن كل ما يدور في بيئة المكتبة والتي ستساهم في ضبط استراتيجية المكتبة الفعالة.

وبما أن اختصاصي المعلومات هم من العاملين المميزين في المنظمات على اختلافها, وهم القائمون على الحصول على المعرفة وتحليلها وتنظمها واسترجاعها وبثها ونشرها, وأنهم الأقدر على تقدير حاجات المنظمة من المعلومات والمعرفة, وعلى تلبية حاجات المستفيدين منها بفاعلية, فإن الضرورة تستدعي إلمامهم بآليات اليقظة هذا من جهة, وتدعيم هذا المفهوم الجديد من جهة أخرى, ذلك لأن اليقظة في حد ذاتها مبنية على رصد المعلومات.

من هنا تأتي هذه الدراسة المتواضعة لتبرز الدور المنوط الذي يعكسه أخصائي المعلومات في اليقظة, وهذا يتجل من خلال عنوان الدراسة التي تحمل عنوان" دور أخصائي المعلومات في اليقظة", وتعتبر هذه الدراسة من الدراسات الحديثة التي عالجت هذا الموضوع.

1 – تعريف أخصائي المعلومات:

 يعرف: "بأنه شخص يهتم بإعداد و تجهيز المعلومات في مجال من مجالات المعرفة أكثر من اهتمامه بضبط الوثائق نفسها"

و يعرفه الباحثون في علوم المكتبات و المعلومات :"بأنه شخص ذو تعلم أكاديمي له معرفة بعدة مجالات منها: الحاسب الآلي ,علم المكتبات, علم المعلومات, هندسة النظم وإدارة المعلومات… و يقوم بمعالجة البيانات في مجال معين"^[1]

و يعرف كذلك بأنه" المنشغل أساسا بالمستفيدين من المعلومات , ثم بعمليات تتناول المواد التي يمكن للأفراد استخدامها "^[2]

"هو الشخص الذي يتولى تجميع و اختيار و فهرسة و تكشيف مجموعات الكتب و المطبوعات و الوثائق و ذلك من اجل وضعها تحت يد الباحثين و الدارسين لاستخدامها" ^[3]

و يعرفها شيرا و جوبنا و ديبونز انه :

ü    "منظرو أي علماء المعلومات المعنيون بقوانين علم المعلومات ونظرياته و فلسفته وغيرها"

ü    أخصائيو نظم المعلومات هم الذين يقومون بتحليل مشكلات المعلومات و يصممون النظم و الشبكات لحلها وسطاء المعلومات أي الذين يعملون بين متخذي القرار و جسم المعرفة"

ü    تكنولوجيين المعلومات أي الذين يقومون بتشغيل و صيانة و تكنولوجيات النقل و التجهيز و إجراءات العمل المتصلة بها "^[4]

ومنه فان أخصائي المعلومات هو الشخص المسؤول عن تهيئة و إيصال و إتاحة المعلومات للمستفيدين , و عليه يعتبر حلقة وصل بين مصادر المعلومات المختلفة )  التقليدية , الحديثة ( و المستفيدين.

2- التطور التاريخي لوظيفة أخصائي المعلومات:

    إن تاريخ مهنة أخصائي المكتبة (Librarian) أو أخصائي المعلومات Information Spécialiste لم تكن وليدة عصرنا الحالي ولا القرن الماضي فقط ، بل تعتبر من أوائل المهن التي ظهرت في التاريخ ، حيث يمثل (توت) النموذج الأول لأمناء المكتبات في مصر القديمة كما تمثل زوجته (خاتور) النموذج الأول لأمينات المكتبات في مصر القديمة . ولذلك أطلق عليهما على سبيل المجاز وليس الحقيقة إله وإلهة الفكر، وكانا المثال الذي يحتذي به من جانب العاملين في المكتبات المصرية على تعاقب الأجيال.

ü    أخصائي المعلومات في العصور الوسطى والقديمة: 

   لقد تطورت وظائف أخصائي المعلومات على مر العصور مع تطور المكتبات وخدماتها ففي العصور القديمة والوسطى كانت المكتبات جزءا من دور العبادة وكان التركيز منذ البداية على اختيار أمين المكتبة من العلماء والمفكرين وكان الشخص الذي تناط به مسؤولية المكتبة هو في الأغلب العالم والمثقف الذي له دراية بالكتب وما يرتبط بها ولكن في ظل هذا التطور استلزم أن يكون هذا الشخص من نوع آخر حيث بدأ الأمر باكتساب الخبرة من التعامل مع الكتب ثم تلت مرحلة أخرى تسمى بمرحلة الإعداد والتأهيل الأكاديمي سواء التقليدي أو الإلكتروني.

ü    أخصائي المعلومات في العصر الحالي:

   إن التطورات السريعة التي يشهدها العالم في وقتنا الحاضر فرض نفسه على أخصائي المعلومات بالتغيير تجاه هذه المستجدات لان نجاح المكتبة أو فشلها يتوقف  على مقدرته في تسيير المكتبة فلم يعد مجرد حارس للكتب أو اختيار المواد المكتبية ،تنظيمها أو تقديمها للمستفيدين بل هو الذي يتعامل مع أجهزة الحاسوب لان الحواسيب أسهمت إسهاما فعالا في مساعدة أخصائي المعلومات في معالجة المعلومات واسترجاعها بطريقة سريعة وفعالة .

  إن عصر التقنية هذا جعل من المكتبي في وضع أفضل بكثير من الماضي ،حيث يقوم بتجميع المقتنيات المكتبية المخزنة الكترونيا وبإمكانه أن يسترجع أيا من الوثائق الموجودة حتى وان كانت الوثيقة غير متوفرة فيمكن الحصول على نسخ مصورة باعتبار التطورات الحالية تستوجب الإحالة بالكم الهائل من المعلومات ليرتقي أمين المكتبة أو بصفة أخرى أخصائي المعلومات ويتحول اهتمامه من الاهتمام بالوثائق  إلى الاهتمام بالمستفيدين وذلك من خلال اتباع العديد من الأساليب الحديثة منها اليقظة المعلوماتية.[5]

3- مؤهلات أخصائي المعلومات:

تنقسم مؤهلات أخصائي المعلومات إلى نوعين :مؤهلات مهنية و مؤهلات شخصية

v           المؤهلات المهنية: وهي تتعلق بمعرفة اختصاصي بمصادر المعلومات و الوصول إليها و التكنولوجيا و الإدارة , و المقدرة على استعمال هذه المقدرة كأساس لتقديم معلومات عالية الجودة و هناك أربع مؤهلات متعلقة بهذا النوع :

§              إدارة مؤسسات المعلومات : وهي تتضمن إدارة للمؤسسات التي تتراوح بين مؤسسات تعتمد على شخص واحد إلى مؤسسات تشغل بضع مئات كما أن المؤسسات قد تكون في أي بيئة.

§              إدارة مصادر المعلومات: وهي تتضمن الاختيار و التقييم و التامين للوصول للمصادر.

§              إدارة خدمات المعلومات: يدير الاختصاصي دورة الحياة الكاملة لخدمات المعلومات من تصميم و تطوير و اختبار و تسويق …

§              تطبيق أدوات و تكنولوجيا المعلومات : يسخر الاختصاصي أدوات تكنولوجية الحديثة و المناسبة لتسليم أفضل الخدمات و تقديم أفضل الخدمات المتاحة. [6]

v           المؤهلات الشخصية : و تتمثل في مجموعة من الاتجاهات و القيم و المواقف التي تمكن الاختصاصين بالعمل بفعالية و المساهمة بإيجابية لمؤسساتهم و المستفيدين و المهنة و يمكن أجمالها على النحو التالي :

# البحث عن التحدي و تثمين الفرص الجديدة.

# المقدرة على الابتكار و تطوير و التقييم خاصة للتكنولوجيات الجديدة.

# العمل بنجاح مع الآخرين ضمن فريق عمل. [7]

# خلق القدرة على إقامة جو الاحترام و الثقة المتبادلة أثناء العمل و الحث على معرفة القدرات الوظيفية.

# أن تكون لديه روح و حب التجديد و التغيير و تقبل النصائح و التوجيهات و النقد من مرؤوسيه ومن رواد المكتبة و المستفيدين.[8]

# المرونة و الايجابية في زمن التغيير المستمر و التأقلم بسرعة مع المتطلبات الجديدة.

# حب التعلم الذاتي: أي يكتسب الاستقلالية في التعلم و تكوين نفسه من خلال البحث الذاتي و المطالعة الحرة دون الاعتماد على أشخاص آخرين لتعليهم حتى يتمكن من النجاح في عملهم.[9]

4 - مهارات أخصائي المعلومات:

v   مهارات أكاديمية دراسية و فيها يكون ملما بجميع أبعاد التخصص.

v   مهارات لغوية متعددة حتى  يستطيع التعامل مع مختلف أوعية المعلومات متعددة اللغات.

v   مهارات فنية خاصة بالعمليات الفنية من فهرسة و تصنيف و غيرها.

v   مهارات تقنية و فيها يكون ملما باستخدام كافة الأنواع التقنية و توظيفها في أعمال المكتبة.

v   مهارات مستقبلية حتى يكون ذو بعد نظر في المجال و يقدم مقترحاته بناءً عن تخيلاته المستقبلية.

v   امتلاك معرفة عميقة بمصادر المعلومات.[10]

اليقظة وأخصائي المعلومات.

1 – تعريف اليقظة:

    "يعتبر أصل مصطلح اليقظة "veille" لاتيني "vigila" والذي يعني حسب موسوعة لاروس" القيام بالحراسة, المراقبة, اهتم وانتبه إلى شيء, راقب".[1]

             وقد استخدم هذا المصطلح باللغة الفرنسية هو ناتج عن مفهوم المراقبة بالرادار وهذا لحماية منطقة ما, ونقصد بالمراقبة ذلك العمل المنظم والمستمر لرصد بيئة المؤسسة والذي يهتم بالكشف عن المعلومات التي تؤثر تأثيرا سريعا على نمو المؤسسة, والمراقبة تلعب هجوميا تنساب العارف حول البيئة ودورا دفاعيا لحماية تلك المعارف.[2]

   وتعرف اليقظة على أنها "النشاط الذي يمكننا من البقاء على علم بكل المستجدات في القطاع الذي نشغله".[3]

     وهي كذلك "الوظيفة التي ترتبط بتسيير موارد المعلومات لتجعل المؤسسة أكثر ذكاء وتنافسية"[4]

     ويقصد باليقظة ذلك "التصنت الدائم للتغيرات الحاصلة في جميع الميادين، قصد التصرف بشكل مسبق. فعوض أن تقوم المؤسسة برد الفعل، فإنها هي التي تدفع إلى التغيير، بحيث تكون طرفا فيه".[5]

    نستنتج من التعاريف السابقة أن اليقظة اعتبرت كنشاط أو عملية مرتبطة بتسيير المعلومة ﺑﻬدف استغلالها لإحداث شيء جديد في المؤسسة.

    وعلى هذا الأساس يمكن إدراج التعريف التالي الذي ينص على أن اليقظة عملية منظمة من بحث, تحليل وانتقاء ملائم لمعلومات والتي تقدم مزايا تنافسية للمؤسسة المعلوماتية.

2 - أنواع اليقظة:

   يمكننا تقسيم أنواع اليقظة إلى ما يلي:

2 – 1 - اليقظة التنافسية:

    اليقظة التنافسية أو الاستعلام التنافسي هي النشاط الذي من خلاله تتعرف المؤسسة على منافسيها الحاليين والمحتملين وهي تهتم أيضا بالبيئة التي تتطور فيها المؤسسة المنافسة. وهذا من خلال جمع المعلومات والمحصل عليها من تحليل الصناعة وتحليل المنافسة (نقاط القوة ونقاط الضعف)، ثم تحليلها، لاستخراج النتائج وتطبيقها في اتخاذ القرار بالمؤسسة.

   وتهدف اليقظة التنافسية إلى معرفة: الأداءات الحالية للمنافس, استراتيجية المنافس, أهداف المنافس الجديدة, قدرات المنافس, الفرضيات التي تحكم عمل وقرارات المنافس.

    وتعمل اليقظة التنافسية على بحث وفهم كل ما له علاقة بالمؤسسة المنافسة وهذا من خلال معرفة مثلا:

ü    منتجات المؤسسة المنافسة: التشكيلة الكاملة، القطاعات السوقية المغطاة، الحصص السوقية.

ü    تقنية البيع والتوزيع: شبكة التوزيع، خطة التوزيع، الأسعار المطبقة.

ü    الشركاء: شبكة الموردين، المقاولين، العلاقة مع باقي الأعوان.

ü    الإنتاج: نظام الإنتاج، المواد والمهارات المستعملة، تكلفة الإنتاج.

ü    البحث والتطوير: التكنولوجيات وبراءات الاختراع المسجلة.

  وترتبط المعلومات المجمعة بشكل قوي بحدة المنافسة ضمن القطاع التي تنشط فيه المؤسسة. حيث هناك عدة متغيرات التي من شأنها الرفع من درجة حدة المنافسة، وخاصة عندما يكون:

ü    عدد كبير ومتوازن من المنافسين: لا يوجد رائد حقيقي يلعب دور المنسق. لذلك يكون من الصعب مراقبة جميع المنافسين في وقت واحد، ولهذا يكون من الفعالية هو مراقبة حصص السوق.

ü    نمو القطاع بطيء: يجب مراقبة نمو القطاع ومقارنتها بنمو قطاعات المنافسين.

ü    ارتفاع التكاليف الثابتة: تدفع هذه الوضعية المؤسسات إلى بيع منتجاتها بأية طريقة، حتى يتم تغطية التكاليف الثابتة.

ü    عدم التميز في المنتجات: عندما ينظر للمنتج على أنه من الضروريات الأولية، عندها يستند اختيار المشتري على السعر وجودة الخدمة المقدمة.

ü    اختلاف المنافسين: يجب معرفة الاستراتيجيات المعتمدة من قبل المنافسين.

ü    حواجز الخروج مرتفعة: يتعلق الأمر بتحديد الحواجز الرئيسية، أو الاستفادة من رفع الحواجز للخروج من قطاع غير مربح.

ü    حواجز الخروج ضعيفة: المراقبة الدائمة للداخلين الجدد.[6]

2 – 2 – اليقظة التكنولوجية:

   تشير اليقظة التكنولوجية إلى الجهود المبذولة من قبل المؤسسة وكذا الوسائل المسخرة بهدف الكشف عن كل التطورات المستجدات الحاصلة في ميدان التقيات والتكنولوجيات والتي تهم المؤسسة حاليا أو مستقبلا.

  وتتمثل اليقظة التكنولوجية في:

ü    جمع المعلومات التقنية التكنولوجية لاستغلالها في الإبداعات التكنولوجية.

ü    تحديد التقنيات أو التكنولوجيات المتبعة من طرف المنافس.

ü    الاهتمام بالتطور التكنولوجي بما فيه الاكتشافات العلمية, الإبداع في السلع والخدمات, ظهور مواد ومفاهيم جديدة.[7]

2 – 3 – اليقظة التجارية:

   هي عموما تهتم بالموردين والزبائن بحيث يعبر عنهم بانهم:" آذان وعيون المؤسسة نظرا لاتصالاتهم المباشرة مع الزبائن والموزعين وكذا المنافسين" .[8]

2 – 4 – اليقظة الاجتماعية:

   وتتمثل في تحديد وملاحظة كل الظواهر الاجتماعية مثل: الصراعات الاجتماعية، المعارضات الدينية والعرفية، سوء التفاهم بين الأجيال، التمسك بالتقاليد. وكل ما يستوقف انتباه الَتيقِّظ ويهدد من سلامة أو يعزز من التناسق التنظيمي.

  وتهدف اليقظة الاجتماعية إلى التحذير أو الحد من الآثار السلبية للعراقيل في العلاقات القائمة بين المؤسسة وعمالها، كما تمنح لمسيري المؤسسة: مناخ اجتماعي سليم يساهم في جعل المبادلات جيدة بين أفراد الجماعة, سهولة معالجة المشاكل الداخلية كإعادة تنظيم العمل, الوسيلة لتأكيد الفعالية التنظيمية.

2- 4- اليقظة الاستراتيجية:

  تشير اليقظة الاستراتيجية إلى البحث عن المعلومة عن طريق يقظة ثابتة ومراقبة دائمة للبيئة وهذا لأهداف استراتيجية, وتهدف اليقظة الاستراتيجية إلى خلق الفرص والخفض من حالات عدم التأكد للمؤسسة، وخاصة عند الحد من الاختلالات التي قد تحدث في تطور بيئتها الاجتماعية، الاقتصادية، والتكنولوجي.

2 – 5 – اليقظة البيئية:

  وتخص ما تبقى من عناصر في بيئة المؤسسة والتي لم تأخذها الأنواع السابقة بعين الاعتبار كاليقظة التشريعية، المالية، السياسية، الجيوسياسية اليقظة الخاصة بعلم البيئة اليقظة الثقافية. و يعتبر تطبيق اليقظة البيئية مهمة صعبة بالنسبة للمؤسسة بما أنه يتعلق الأمر بجانب واسع من البيئة المتبقية، وعليه يجدر بالمؤسسة التعامل مع المعلومات المنتقاة بعناية كبيرة من حيث تحليلها ومعالجتها وإرسالها لمتخذي القرار حتى يحددوا بدورهم المعلومة الأساسية في عملية اليقظة هذه.[9]

3- أهمية اليقظة بالنسبة لأخصائي المعلومات:

   إن اليقظة في ظل المؤسسات المعلوماتية والوثائقية المعاصرة المتسمة بالانفتاح العالمي الذي أتاحته العولمة, قد اكتست أهمية بالغة بالنظر إلى الفوائد التي تحققها للمؤسسة من خلال رصد كل المعلومات المعبرة عن مختلف القوى المحيطة بها, والتي يمكننا ابرازها فيما يلي:

ü    تطوير منتجات وخدمات جديدة تتلاءم مع رغبات المستفيدين المتزايدة.

ü    اتخاذ القرارات: فاليقظة تساهم بشكل فعال في اتخاذ القرارات الاستراتيجية من خلال البحث عن المعلومة المناسبة في الوقت المناسب للشخص المناسب.

ü    القدرة على المنافسة الاستمرارية للمؤسسة, فاليقظة تسمح لأخصائي المعلومات بجمع وتعقب المعلومات الضرورية فدورها لا يتوقف في توفير احتياجات المعلومات, بل على قدرتها في قيادة عملية التغيير والإبداع بما يحقق الميزة التنافسية بالمؤسسة المعلوماتية.

ü    التعرف على البيئة المحيطة بمؤسسة المعلومات, فاليقظة تسمح لأخصائي المعلومات برصد التغيرات التي تطرأ على قطاعاته مثل  حاجات المستفيدين, المنافسين, وبذلك فاليقظة تساهم في حالة عدم التأكد التي تميز الأسواق.

ü    تسمح اليقظة بالتحذير والتنبؤ للعراقيل المستقبلية التي يمكن أن تواجه اخصائي المعلومات في المؤسسات المعلوماتية.

ü    تعتبر عملية اليقظة وسيلة استراتيجية للتسيير, أين يكشف أخصائي المعلومات على مواطن نفوذ التهديدات والفرص والتي يمكن ان تغير من استراتيجية المؤسسة المعلوماتية ومن المنافسة في السوق.[10]

4 – أخصائي المعلومات الممثلون لعملية اليقظة:

   يصطلح على أخصائي المعلومات الممثل لعملية اليقظة بـ "الـمُتيقظ" وهو شخص يجيد الاستماع لما هو حادث خارج مؤسسته، مهمته الأساسية تتجلى في كشف الفرص والتنبيه عن المخاطر المحدقة بمؤسسة المعلومات.

  والشكل الاتي يمثل ممثلو عملية اليقظة وأدوارهم المختلفة في العملية.

ممثلو اليقظة	الدور	الخصائص
متخذو القرارات الاستراتيجيين.	- يعرضون على جماعة اليقظة الأهداف المستهدفة ذات الأولوية بالنسبة للمؤسسة. - تحليل نتائج اليقظة والتي قدمت لهم في شكل سيناريوهات. - ترجمة السيناريوهات إلى أعمال بفضل اتخاذ القرارات. - البحث عن الإبداع، أي خلق أفضل المزايا التنافسية للمؤسسة.	- تحديد جيد لأهداف المؤسسة. - معرفة جيدة للتطورات الحاصلة في البيئة الخارجية.
المدير.	- همزة وصل بين متخذي القرارات الاستراتيجيين وجماعة اليقظة. - إعداد والإشراف على دفتر الشروط. - مسؤول عن تنظيم وسير عملية اليقظة.	- مَنشِّط جماعة اليقظة مع القدرة على العمل الجماعي. - مهارات إدارية كالقدرة على تسيير الموارد البشرية. - معرفة الوسائل المساعدة على اتخاذ القرارات.
الـمُتيقِّظون الكبار.	- تحليل، تركيب وترجمة المعلومات المجمعة. - المساهمة جماعيا في إعداد السيناريوهات. - تصحيح الخطوات المتبعة مقارنة مع دفتر الشروط، والتحقق من صحة السيناريوهات مقارنة مع البيئة الخارجية.	- القدرة على العمل الجماعي وعلى التفكير استراتيجيا. - القدرة على التحليل والتركيب، وبشكل خاص القدرة على الرؤية المستقبلية. - المعرفة التامة بمجمل عملية اليقظة.
الـمُتيقِّظون المشتركون.	- تحديد مصادر المعلومات. - استكشاف البيئة مع إنجاز ترجمة وتصفية أولية لها.	- الملاحظة الجيدة (القدرة على البحث والاستماع)،إضافة إلى روح الفضولية. - الحيازة على مصادر المعلومات الاستراتيجية، مع القدرة على مشاطرة المعلومات فيما بينهم. - قدرة التحكم في فائض المعلومات.
العمال.	- من بين العمال يوجد مستخدمين دورهم هو دعم اليقظة كأمين المكتبة، كاتب السر، وغيرهم حيث يقومون بترتيب الملفات، إدخال المعلومات في الموزع حيث يقدمون بهذا دعما لمرحلة جمع ومرحلة معالجة المعلومات. - كما يوجد من يقدم الدعم التقني كالمسؤول عن الموزع والمتخصصين في الجانب المعلوماتي.[11]	- نشاط حيوي دائم في العمل. - روح عمل جماعية عالية.

   صحيح أن الممثلين المذكورين في الجدول أعلاه لهم علاقة مباشرة بعملية اليقظة، لكن نتائج هذه العملية لا تبقى حكرا عندهم وإنما لجميع العمال الحق في معرفة تلك النتائج. وصحيح أن هؤلاء الممثلين لهم خبرة ومهارة مهنية عالية، ولكن هذا لا يمنع بتاتا من مشاركة جميع العمال على اختلاف مستوياتهم التنظيمية في هذه العملية. فمن يدري من أين تأتي المعلومة التي نبحث عنها !

   تم تمثيل الممثلين في شكل هرم تبعا لمستوياتهم التنظيمية ويمثل قمة الهرم متخذو القرارات الاستراتيجيين، أما قاعدته فيمثلها العمال. لكن قراءة الشكل تتم من الأسفل حسب ترتيب المراحل، حيث يقوم بعملية جمع المعلومات جانب من العمال وفئة الـمُتيقِّظين المشتركين، بينما يقوم الـمُتيقِّظين الكبار بالمرحلة الثانية وأخيرا يتم نشر المعلومات واتخاذ القرار من طرف كل من المدير و متخذي القرارات الاستراتيجيين.

   ولكن كيف للمؤسسة أن تنسق عمل اليقظة التنافسية أو بعبارة أخرى ما هو النموذج الملائم الذي تتبناه المؤسسة حتى تؤدي اليقظة التنافسية عملها بفعالية ؟

  على كل حال، لا يوجد نموذج واحد فقط يجبر المؤسسة على اتباعه، فمثلا باستطاعة المؤسسة أن ُتنشئ مصلحة لليقظة التنافسية تظم عددا من المستخدمين تقسمهم إلى ثلاث مجموعات وتكون كل مجموعة مسؤولة على مرحلة من مراحل اليقظة التنافسية، أو تكلف مهام اليقظة بصفة خاصة إلى مستخدمين يعملون في مناصب عمل أخرى أو تجمع بين النموذجين، المهم أنها تقوم بذلك على حسب المتاح لها من الموارد (البشرية، المالية، الوقت) وبحسب حاجتها من المعلومات.[12]

5 – أساليب العمل باليقظة من طرف أخصائي المعلومات:

  يوجد نوعين من الأساليب للعمل باليقظة من قبل أخصائي المعلومات وهما:

5 – 1 - الأساليب المباشرة:

   إن هذا النوع من الأساليب يعتبر رسميا، أي أنه يتم وفق "بروتوكولات" أو عقود ثنائية أو متعددة الأطراف . من بين الأمثلة التي نوردها هنا التكوين والتربصات، الرخص أو التسريحات و الدعوات و على هذا الأساس نتساءل هنا : أليس هناك إذن فائدة بل ضرورة تحول الإطارات في مكتبات الجامعية و كذا مراكز التوثيق في القطاع المعلوماتي إلى ما يسمى باليقظين المعلوماتيين والتكنولوجيين  حتى يخدموا مختلف الفئات في المجتمع و منها الباحثين و العلماء بصفة خاصة؟

ü     عن طريق التربصات و التكوين: يمكن لأخصائي المعلومات مثلا من الاطلاع على أشياء جديدة منها كيفيات المنتجات، التجهيزات و الوسائل الأخرى، أو حتى الحصول على معلومات أصلية –أولية- مرتبطة بمشكل أو أمر معين, و ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنه آلما كان مستوى التكوين و التمهين أعلى أو أكثر تخصصا كلما كانت الفائدة من اليقظة أوفر .مع الملاحظة إلى أن هذه الفائدة لا تكون فعلية إلا إذا توفرت شروط لاستغلال ما تم الحصول عليه.

ü    عن طريق الرخص: يمكن أخصائي المعلومات الباحثة عن معارف و معلومات من الحصول عليها مقابل دفعات مالية معينة أو دون ذلك . أغلبية هذه الرخص هي تلك التي تجري خاصة في عالمي الصناعة وإنتاج الخدمات.

ü    عن طريق الدعوات: بإمكان أخصائي المعلومات المدعوين الوقوف على أشياء جديدة أو خاصة بالمؤسسة الداعية و الحصول على المعلومات، معطيات أو بيانات قد تفيد في العمل أو الوظيفة. في غالب الأحيان تفيد مثل تلك الدعوات خاصة في الإشهار بالأطراف التي تقدم الدعوات و وفقا لما تريد أن يعلم به الغير.

5 – 2 - الأساليب غير المباشرة:

  بالمقارنة مع الطرق أو الأساليب المباشرة ، فهذا النوع غير رسمي، بمعنى أنه يتم على أساس التلاقي أو التعارف أثناء الملتقيات العلمية الجهوية أو الدولية . أثناء المناسبة أو التظاهرات يقوم أخصائي المعلومات بتبادل الأفكار والآراء . بل أهم من ذلك هو إقامة علاقات للاتصال و منها تبادل العناوين الإلكترونية و الأعمال و المعلومات الأخرى للاستفادة منها سواء في الأبحاث أو التدريس . و ما يلاحظ بالنسبة لهذه الطرق و الأساليب هو تكلفتها الدنيا و كذا صلاحيتها في حل المشاكل و الصعوبات عندما تتعثر الطرق و الأساليب المباشرة أو الرسمية.[13]

خاتمة: 

في نهاية هذه الدراسة يمكن أن نقول أن العمل باليقظة من طرف أخصائي المعلومات مازال حتى الأن غريب على الكثيرين من العاملين في قطاع المكتبات والمعلومات بالرغم من أن اليقظة بالأساس هي بحث و تحليل و انتقاء المعلومات المناسبة من أجل معرفة الفرص والتهديدات المحيطة بالمكتبات ومؤسسات المعلومات المختلفة التي هي بالأساس لا معنى لها بغياب أخصائي المعلومات.

   ومن أجل أن يقوم أخصائي المعلومات بالدور المنوط في تسخير مفهوم اليقظة بمفهومه الواسع, وجب على المكتبات ومراكز المعلومات تقديم الدعم اللازم لهؤلاء الأشخاص حتى يقدموا ما عندهم.

---

الهوامش تم حذفها لحماية المقال